روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | التوحيد في دعوة عيسى عليه الصلاة والسلام ـ 6

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > التوحيد في دعوة عيسى عليه الصلاة والسلام ـ 6


  التوحيد في دعوة عيسى عليه الصلاة والسلام ـ 6
     عدد مرات المشاهدة: 1865        عدد مرات الإرسال: 0

* الأمر بالتوحيد والتحذير من الشرك:

=أولاً/ إعلان عيسى عليه السلام عبوديته لله:

كان أول ما نطق به وهو في المهد الإعتراف بعبوديته لله سبحانه وتعالى، وهذه حقيقته، وفيه رد على من غلا فيه، قال تعالى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ ءَاتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} [مريم:30]، فأول شيء تكلم به أن نزه جناب ربه تعالى، وبرأه عن الولد، وأثبت لنفسه العبودية لربه، فخاطبهم بوصفه بالعبودية، وأنه ليس فيه صفة يستحق بها أن يكون إلها، أو ابنا للإله.

=ثانياً/ إعلان عيسى عليه السلام أن دعوته لتوحيد الله تعالى فقط:

قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ}، إلى قوله:{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}. [المائدة:116-117]، فهذا توبيخ للنصارى الذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة، فيقول الله هذا الكلام لعيسى عليه السلام. فيتبرأ عيسى ويقول: {سُبْحَانَكَ} عن هذا الكلام القبيح، وعمّا لا يليق بك، {مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} أي: ما ينبغي لي، ولا يليق أن أقول شيئا ليس من أوصافي ولا من حقوقي، فإنه ليس أحد من المخلوقين، لا الملائكة المقربون ولا الأنبياء المرسلون ولا غيرهم له حق ولا استحقاق لمقام الإلهية وإنما الجميع عباد مدبَّرون، وخلق مسخَّرون، وفقراء عاجزون.

ثم صرح بذكر ما أمر به بني إسرائيل، فقال: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ} فأنا عبد متبع لأمرك، لا متجرئ على عظمتك، {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} أي: ما أمرتهم إلا بعبادة الله وحده وإخلاص الدين له، المتضمن للنهي عن اتخاذي وأمي إلهين من دون الله، وبيان أني عبد مربوب، فكما أنه ربكم فهو ربي.

=ثالثاً/ الأمر المباشر بالتوحيد وأدلته:

* الدليل الأول:

قال تعالى: {وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} [المائدة:72]، فأثبت لنفسه العبودية التامة، ولربه الربوبية الشاملة لكل مخلوق.

* الدليل الثاني:

وقال تعالى: {وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ. إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} [آل عمران: 50].

وهنا إستدل بتوحيد الربوبية الذي يقر به كل أحد على توحيد الإلهية الذي ينكره المشركون، فكما أن الله هو الذي خلقنا ورزقنا وأنعم علينا نعما ظاهرة وباطنة، فليكن هو معبودنا الذي نألهه بالحب والخوف والرجاء والدعاء والإستعانة وجميع أنواع العبادة، وفي هذا رد على النصارى القائلين بأن عيسى إله أو ابن الله، وهذا إقراره عليه السلام بأنه عبد مدبَّر مخلوق، كما قال {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} وأكد ذلك بقوله: {هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} موصل إلى الله وإلى جنته، وما عدا ذلك فهي طرق موصلة إلى الجحيم. قال الفخر الرازي: {إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ}، ومقصوده إظهار الخضوع والاعتراف بالعبودية لكيلا يتقولوا عليه الباطل فيقولون إنه إله وابن إله؛ لأن إقراره لله بالعبودية يمنع ما تدعيه جهال النصارى عليه، ثم قال: {اعْبُدُوهُ} والمعنى: أنه تعالى لما كان رب الخلائق بأسرهم وجب على الكل أن يعبدوه، مفاتيح الغيب 8/ 53.

* الدليل الثالث:

قوله:{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} [المائدة:117]، قال ابن جرير: أي إجعلوا العبادة والتذلل للذي له يَذِلّ كل شيء، وله يخضع كل موجود، مالكي ومالككم، وسيدي وسيدكم، الذي خلقني وإياك.

* الدليل الرابع:

عن الحارث الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل يعملون بهن، وإن عيسى ابن مريم قال له: إن الله أمرك بخمس كلمات تعمل بهن وتأمر بهن بني إسرائيل يعملون بهن، فإما أن تأمرهم وإما أن آمرهم، قال: إنك إن تسبقني بهن خشيت أن أُعذب، أو يُخسف بي، قال: فجمع الناس في بيت المقدس حتى امتلأ، وقعد الناس على الشرفات، قال: فوعظهم، قال: إن الله أمرني بخمس كلمات أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن، أولاهن أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبداً من خالص ماله بذهب أو وَرِق، قال هذه داري، وهذا عملي، فاعمل وأدِّ إليَّ، فجعل يعمل ويؤدي إلى غير سيده، فأيكم يسره أن يكون عبده كذلك، وإن الله خلقكم ورزقكم فلا تشركوا به شيئاً... »الحديث، الإمام أحمد في مسنده 4/130، وأبو يعلى في مسنده 3/140،141 رقم 1571، وقال محقق الكتاب الشيخ حسين سليم أسد: إسناده صحيح، والطبراني في المعجم الكبير 3/285 رقم 3427، وابن حبان في صحيحه 14/123 وقال محقق الكتاب شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.

* رابعاً/ التحذير من الشرك:

{وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة:72]، فأثبت لنفسه العبودية التامة، ولربه الربوبية الشاملة لكل مخلوق، ثم ذكر توعد كل من يخالف هذا الأمر بقوله: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ} أحدا من المخلوقين، لا عيسى ولا غيره، {فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ}، وذلك لأنه سوَّى الخلق بالخالق، وصرف ما خلقه الله له وهو العبادة الخالصة لغير من هي له، فاستحق أن يخلد في النار. ثم ختم الله تعالى وعيده بقوله: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} ينقذونهم من عذاب الله، أو يدفعون عنهم بعض ما نزل بهم" كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء:48].

المصدر:اللجنة العلمية لموقع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.